لــيــتــنــي مــا قــلــت لــيــتــنــي


معجزتك أنت

أعظم شيئ في الحياة أن ترقب نفسك و أنت تكبر , و أنت تنمو .. قد تنفق أياما لا تفعل شيئا .. لا تقرأ .. لا تفكر .. لا تكتب .. لا تتأمل .. لا تجالس أحدا .. لا تصلي .. لا تتكلم .. أياما تغدو فيها خرقة داكنة من اللاشيئية .. ثم تفاجأ حين تنقضي أنك قد كبرت .. و أن عقلك قد كبر .. دون تأثير بيئي محدد , دون اجتهاد ظاهري منك. الله
دراما عقولنا تجد روعتها في أنها تزدهر بقدرة و طاقة لا منا و لا من الكون و لا من متراكمات الماضي , بل في الواقع طاقة محورية و قوة ذاتية تدفعها إلى النمو و الرشد .. الله
أحيانا تقول شيئا - أو على الأقل تدركه - دون أن يخبرك به أحد من قبل , و دون أن تكون قد سعيت وراءه أنت , و دون أي سبب من أسباب المعرفة و التملك , بمنأى عن حقوق الملكية الفكرية .. لا يخضع ذلك إلا لقوة عقلك الذاتية .. و شوقه إلى الخلود. الله
لم يخلق الله غبيا و لا أخرقا .. بيد أن الغباء نعمة .. و العينان المغلقتان نعمة .. و لكنها نعمة تنفر منها روحك و فطرتك و إنسانيتك .. فانظر ماذا ترى .. نعمة تأتيك أول النهار تلهيك عن أخرى أجمل و أرقى , و أبقى , و أولى بالبصر فضلا عن العقل , تأتيك - أو تأتيها - آخر النهار .. أتستكين لنعمة ظاهرة بلهاء ؟ أم تأبى إلا ماسة حفرت عليها صورتك تقبع في آخر ترقة من طين و وحل و شوك من دون الورد ؟ اعلم أن كل امرئ ميسر لما خلق له .. و أنت فريد ثلاث مرات .. مرة أنك من صنع الله .. تشاطرك في هذا كل الموجودات .. و مرة أنك إنسان مميز عن باقي الخلق .. ميسر له ما ليس ميسرا لغيره .. فيك نفخة من الله تحيل الكون ساجدا لك ترمح فيه كيفما تشاء .. يشاطرك في هذا باقي بني الإنسان .. و مرة أنك أنت .. مزج جيني فريد .. لم يحدث مثلك من قبل و لن يحدث مثلك بعد أن تموت .. قد شاء الله أن تكون أنت الوحيد من دون الكائنات الذي يحمل عقلك و مشاعرك و خبراتك و ماضيك و آلامك و آمالك و أحلامك .. أنت وحدك من دوني و دون هذا و دون ذاك .. أنت فقط .. فريد من نوعك .. لا يقدر أحد بموجب القدر أن يقوم بما تستطيع أنت وحدك أن تقوم به .. و هنالك تتلاحم عظمة الإنسان - عظمتك أنت - مع تراجيديا الحياة - حياتك أنت - حين تُترك لك الحرية أن تفعل أو لا تفعل .. أن تخطو أو تمتنع .. أن تفتح عينيك أو تغلقهما إلى الأبد .. أن تصرخ أو تصمت .. أن تموت أو تعيش .. و هذه هي القضية .. حياة .. أو موت. الله
هذا النوع الأخير من التفرد لا يشاطرك فيه أحد .. إنت و بس .. ذلك أن ما أنت مقدم عليه - حاله حال ما تخطيت - لأساس دورك في نهضة البشرية , دورك في الخلافة يا ابن أبي , خلافة الله. إن أنت لم تقم به , ما قام به أحد من بعدك , و بداهة لم يقم به أحد من قبلك. و ليس هذا أبدا بالأمر اليسير. إنها معجزة. معجزتك أنت. الله


.


.
لــحــظــة

أظمأ فترويني من شهد نهديها .. هنا في واديهما ترقد أحلامي .. هنا أرقد انا .. هنا ولدت و هنا أموت .. أقبِّلها .. شفاهها ثمرة فراولة , غارقة في الكريمة .. تقتات على ريقي .. ريقها في حلقي الجاف .. ألتهم جسدها الفائر .. تشهق و تقاومني , تعلو ترتقي شعاعا من نور إلى السماء .. قدماي على الأرض , أناملي تداعب السحاب و لا تلمسها .. تتنهد .. تعرض عني .. لا أملك من نفسي الساعة نفسا .. هي تملكها .. هي تملكني .. شفاهها ترضيني .. شفاهها ثمرة فراولة , غارقة في الكريمة .. هي لعبتي الصغيرة .. تعلم ذلك .. اللعبة تسلب عقل الطفل .. طفل هكذا أنا معها .. الماضي ينصهر على أظفارها .. لا ماضي لي .. أنا الأن .. و الأن هي .. و لا ثالث


.


.
حـكـايـة وطـن

حكاية وطن .. لم تسطرها الصفحات .. غفلتها كتب التاريخ .. التاريخ أصم .. الدماء ليست حبرا .. الدماء ليست كلمات .. الدماء لا تدوَّن .. بل تدوم .. حكاية وطني لا تدوَّن .. بل تدوم .. تدوم في الدماء .. و الدماء ليست حبرا .. الدماء تاريخ .. و التاريخ أبكم .. لا يتحدث .. لا يفقه .. و ما عساه يفعل .. فالتاريخ ليس انسانا .. عندما يمسي الإنسان دماءا و حبرا .. التاريخ حبر .. الدماء ليست حبرا .. الإنسان ثلاثتهم معا .. دماء و تاريخ و حبر .. و هكذا وطني .. دماء و تاريخ و حبر .. و الدماء ليست حبرا .. الدماء تاريخ .. و التاريخ أبكم .. لا يتحدث .. لا يفقه .. التاريخ حبر و الدماء ليست حبرا .. الدماء تاريخ .. أنا دماء .. أنت دماء .. دماؤنا واحدة .. تاريخنا واحد .. النيل حبرنا .. و تلك حكايتنا .. حكاية وطن


.


.
.....

ما الله ؟ الله العمق. الحياة ليست ضحلة. الحياة عميقة. الله عمقها. في كل بعد من أبعاد الحياة تجد الله. الله هو البُعد , بُعد الحياة الذي هو عمقها. ثمة ضباب يفصل بين الإنسان و عمق الحياة. يولد هذا الضباب أول ما يولد في عقل الإنسان. فيه يقع الابتلاء, و فيه يقع الاختبار. ابتلاء الحياة. اختبار الحياة. لأن تنتصر للإنسان داخلك فتجلي الضباب لأسمى الدروب إلى الله. أنت في ذلك لا تكره الضباب. فهو أحد أبعاد الحياة. و في كل بعد من أبعاد الحياة تجد الله. الله هو البُعد , بُعد الحياة الذي هو عمقها. دعني أخبرك أن أبعاد الحياة هي في الواقع الطريق - المتعرج حينا و المفروش بالياسمين حينا - إلى العمق. إلى عمق الحياة. إلى الله. و هو أيضا - أي الضباب - جزء من العمق. فالعمق أبعاد. الله العمق. و الله الأبعاد. الحياة ليست ضحلة. الحياة عميقة. العمق هو الله. الحياة ليست أحادية البعد. الحياة متعددة الأبعاد. الأبعاد هي الله. أو بمعنى أدق هي المسالك إلى الله. كل مسلك يكشف لك عن أحد أوجه ألوهيته و عبودية ما سواه. الله
الله لا يخضع لقوانيننا. فالله خلق قوانيننا , تماما كما خلقنا. و كلا من الإنسان و قوانينه (أي قوانين الطبيعة و المنطق و الرياضيات و هي تشمل ما عداها) من خلق الله. أشنع خطأ في الوصول إلى الله أن تطبق قوانيننا عليه. هو خالق هذه القوانين. لا تطبق عليه. تقف عنده. لا تتخطاه و لا يفعل ما سواها. أنت حين تنفي عن الله صفة يتصف بها الله - بحجة أن الله لا يتصف بصفة يتصف بها أحد العباد - فأنت تقع في خطأ تطبيق قوانينك الخاصة على الله. على من لم تُخلق هذه القوانين لتُطبق عليه. فالحاكمية لله عليها و ليس العكس. وُجدت القوانين لتصنع لك طريقا إلى الله. لا لتقيد بها لامحدودية الله. الله
عقلك خُلق لك من دون باقي الكائنات كي تعرف أين أنت من الله و من ثم تقترب منه - باقترابك من الحياة , من عمق الحياة و أبعادها الكثيرة. لا تطمع أن يعرف عقلك الله. هذه ليست وظيفته. عقلك خُلق للكون , الذين هما في مستوى واحد. كلاهما مخلوق. كلاهما على نفس الدرجة. على نفس البُعد. روحك هي من يعرف الله. روحك جزء من الله. روحك هي نفخة الله فيك. و لذلك فعبادتك الله هي عين حريتك. و عين كمالك. و عين استعلائك على الكون العظيم من حولك. عقلك يدرك أن روحك تعرف الله. يتسق جانب فطرتك الإرادي , حين تؤمن بالله عن إرادة و وعي مصدرهما عقلك الباحث المتأمل , مع جانب فطرتك اللارادي , الذي يخضع لقوانين الطبيعة دون إرادة منك و لا وعي. و أنت حينما تفعل ذلك - حينما توحد شطري نفسك (العابد لله رغم إرادتك و العابد لله بإرادتك)ا- تكون قد بلغت من الحياة مبلغا عظيما. تكون قد بلغت الأبعاد. تكون قد بلغت العمق. العمق هو الله. الله

No comments: